,

من هو سعد الأوسي ……السيرة الذاتية والخلفية التعليمية



سعد جابر عيدان الأوسي، المعروف باسم سعد الأوسي، هو صحفي وإعلامي عراقي بارز. يشتهر الأوسي بكتاباته الجريئة ونقده اللاذع للمسؤولين والحكومات . حصل على درجة البكالوريوس في جامعة بغداد (كلية الآداب) في تخصص العلوم الاجتماعية، ثم نال درجة الماجستير في علم الاجتماع، وأعقبها بالحصول على شهادة الدكتوراه من إحدى الجامعات في جمهورية مصر العربية . الأوسي من مواليد الأول من كانون اول ١٩٧٥ ومسقط رأسه قضاء القاسم التابع إلى مدينة بابل ، بدأ سعد الأوسي مشواره في مجال الصحافة في منتصف التسعينيات في مجلة الف باء وفي عام 1998 عمل كصحفي متخصص في صحيفة بابل يكتب السبق الصحفي ثم عمل في صحيفة نبض الشباب الصادرة في بغداد، كما كتب قبل عام 2003 في عدة صحف عراقية من بينها صحيفة الاتحاد و المصور العربي و مجلة ألف باء . أسهمت بداياته المبكرة هذه في صقل مهاراته الصحفية وبناء سمعته كصحفي جريء ينتقد الواقع السياسي بشكل صريح.


المناصب والأدوار التي شغلها

تأسيس صحيفة الشاهد المستقل (2003): بعد سقوط النظام السابق عام 2003، قام الأوسي بإصدار وتأسيس صحيفة الشاهد المستقل الأسبوعية في بغداد . تولّى بدايةً منصب مدير التحرير فيها إلى جانب رئيس التحرير الدكتور هاشم حسن (أستاذ الصحافة في العراق)، ثم أصبح لاحقًا صاحب الامتياز ورئيس تحرير الصحيفة حتى مغادرته العراق في عام 2012 . كما أصبح الأوسي مالكًا ورئيسًا لمجموعة المسلة الإعلامية التي انبثقت عن الصحيفة .

مستشار إعلامي ومتحدث رسمي (2004–2010): شغل سعد الأوسي دورًا رسميًا في جهاز الدولة خلال هذه الفترة، حيث عُيّن مستشارًا إعلاميًا لرئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي بين عامي 2004 و2010، ثم تولى أيضًا مهمة الناطق الرسمي باسم جهاز المخابرات الوطني للفترة من 2007 إلى 2010 . جاءت هذه المناصب بحكم علاقته باللواء محمد الشهواني الذي كان مدير المخابرات آنذاك، وقد ترك الأوسي موقعه في الجهاز عقب استقالة الشهواني في آب/أغسطس 2009 .

إدارة قنوات فضائية (2014–2016): بعد انتقاله إلى العمل الإعلامي خارج العراق، تولى الأوسي عدة أدوار قيادية في قنوات فضائية. في عام 2014 أصبح المنسق الرئيسي لقناة الفلوجة الفضائية التي تبث من الأردن . وفي إطار مجموعة المسلة الإعلامية التي يرأسها، أسس قناة طيور العراق الفضائية الموجهة للأطفال وتولى إدارتها العامة عام 2015، كما أصبح المدير العام لقناة الشاهد كلاسيك الفضائية عام 2016 . وتبث مجموعة المسلة الإعلامية قنواتها عبر الأقمار الصناعية بإشراف الأوسي، الذي يُعد المشرف والمسؤول الأول عن توجهاتها . إضافة إلى ذلك، ارتبط اسم الأوسي بإدارة مواقع إخبارية ووكالات إعلامية عدة (منها موقع سومر نيوز وغيره) ضمن إطار مجموعته الإعلامية الواسعة الانتشار .


أبرز مؤلفاته وأعماله المعروفة

صحيفة الشاهد المستقل: تُعد صحيفة الشاهد المستقل أبرز عمل صحفي للأوسي، إذ أسسها عام 2003 واستمر في إدارتها وتحريرها لعدة سنوات . عُرفت الصحيفة بخطها المستقل والمعارض، حيث انتقدت أداء الحكومات المتعاقبة بعد 2003 من خلال مقالات جريئة . واجهت الصحيفة عراقيل عديدة من قبل السلطات، وتعرضت للإغلاق أكثر من مرة قبل أن تعاود الصدور ، مما يعكس تأثيرها وانتشارها في المشهد الإعلامي العراقي.

المقالات والكتابات الصحفية: إلى جانب تحريره لصحيفة الشاهد، نشر الأوسي مقالات عديدة في الصحف العراقية والعربية الكبرى. قبل عام 2003 كتب في صحف مثل الاتحاد والمصور العربي وألف باء كما سلف ذكره، وبعد 2003 واصل كتاباته في صحف معروفة ومواقع إخبارية متنوعة داخل العراق وخارجه . تميزت مقالاته بأسلوب ساخر وحاد، متناولةً قضايا الفساد وسوء الإدارة وممارسات المسؤولين بشكل مباشر. هذا الأسلوب الأكسبه شهرة واسعة وجعل من اسمه مدرسة صحفية خاصة يصعب تقليدها، وفق ما وصفه بعض أساتذة الإعلام في العراق.

القنوات التلفزيونية والمشاريع الإعلامية: تحت مظلة مجموعة المسلة الإعلامية التي يرأسها، أطلق سعد الأوسي عدة مشاريع إعلامية بارزة. من أهمها قناة طيور العراق الفضائية الموجهة للأطفال، التي بدأ بثها عام 2015 وأشرف الأوسي على إدارتها . كذلك قام بتأسيس قناة الشاهد كلاسيك عام 2016 والتي تختص ببث المواد الأرشيفية والكلاسيكية، وتولى إدارتها أيضًا . هذه المشاريع التلفزيونية وغيرها تمثل جانبًا مهمًا من أعماله، حيث سعى من خلالها إلى توسيع نطاق التأثير الإعلامي لمجموعته لتشمل الصحافة المطبوعة والإلكترونية والبث الفضائي.


الجوائز والتكريمات: نال سعد الأوسي تقديرًا لافتًا على جهوده الصحفية؛ فقد مُنح لقب “الصحافي العراقي الأشجع” لعامي 2010-2011 تقديرًا لجرأته في تناول المواضيع الخطرة ، كما حصل على لقب “أفضل صحفي عراقي” لعام 2014 تكريمًا لتميّزه الإعلامي . إلى جانب ذلك، جرى تكريمه في محافل دولية، منها تتويجه في مونديال القاهرة للإعلام تقديرًا لإسهاماته الصحفية ، وحصل على دروع الإبداع في عدة مهرجانات دولية أخرى عرفانًا بدوره الريادي في الإعلام . وتأتي هذه الجوائز لتؤكد المكانة التي يحتلها الأوسي كإعلامي مؤثر على الساحة العراقية والعربية.


مواقفه وتصريحاته العامة المؤثرة


عرف عن سعد الأوسي تبنيه مواقف جريئة وتصريحات علنية صريحة جعلته شخصية جدلية في الوسط الإعلامي والسياسي. يتبنى الأوسي نهجًا ناقدًا للسلطة مهما كان لونها؛ فقد دأب على انتقاد فساد المسؤولين وتقصيرهم في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 بلا تردد . على سبيل المثال، لم يتوانَ عن انتقاد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مباشرةً في مقالاته؛ إذ نشر مقالًا ينتقد فيه كيفية تولي المالكي للسلطة والتسويات التي قام بها، مما أدى لاحقًا إلى اعتقاله بسبب تلك الانتقادات . وفي عدد أخير من صحيفة الشاهد المستقل قبيل اعتقاله عام 2010، هاجم الأوسي المالكي وصرّح بأنه “انتهى إلى الأبد” بعد الانتخابات ، وهو تعبير جسّد جرأته في مواجهة أعلى هرم السلطة.


إلى جانب انتقاد السياسيين بالأسماء، يستخدم الأوسي أحيانًا عبارات حادة ولاذعة في خطابه الإعلامي. فقد أثار الجدل مرةً حين عرض على شاشة إحدى قنواته شعارًا يقول فيه: “أمة عربية نائمة ذات نذالة دائمة” في سياق تعليقه على أحوال الأمة . هذا التصريح اعتبره البعض تجريحًا جماعيًا وأثار نقاشًا واسعًا حول أسلوبه، بينما رآه آخرون استمرارًا لنهجه النقدي الساخر في وصف الواقع العربي. كذلك اشتهر الأوسي بأسلوب الرسائل المفتوحة؛ فخلال فترة سجنه كتب رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء حينها (نوري المالكي) يطلب فيها التدخل لإطلاق سراحه، مؤكدًا أن مقالاته لم تفشِ أسرار الدولة كما اتُّهم . تعكس هذه الرسالة إصراره على حرية الصحافة ودفاعه عن حق الصحافي في نقد السلطة دون تعرضه للقمع أو الاتهام بالخيانة.


بشكل عام، يمثل خطاب سعد الأوسي صوتًا ناقدًا صارخًا في الإعلام العراقي؛ إذ يجاهر برأيه المعارض ويستخدم أسلوبًا يجمع بين السخرية اللاذعة والجرأة في الطرح. هذه المواقف الصريحة جعلت منه شخصية مؤثرة يتابعها الكثيرون سواء بالإعجاب أو بالاستنكار، لكنها بلا شك أثرت في النقاش العام وسلطت الضوء على قضايا فساد وانتهاكات ربما تردد غيره في إثارتها.


الجدل والأحداث البارزة المرتبطة به


أثارت مسيرة سعد الأوسي المهنية عدة أحداث جدلية بارزة، لعل أهمها الصدامات مع السلطات بسبب كتاباته الناقدة. فيما يلي أبرز المحطات والجدالات المرتبطة به:

الاعتقال والمحاكمة (2010): في 14 نيسان/أبريل 2010 تعرض الأوسي للاعتقال من قبل قوة أمنية خاصة داهمت منزله في بغداد، وذلك عقب نشره مقالات انتقدت الأوضاع السياسية ورئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي  . وُجّهت إليه تهم التشهير ونشر معلومات سرية بسبب كتاباته الجريئة، وصدر بحقه حكم قضائي بالسجن لمدة سنة واحدة في آب/أغسطس 2010 . اعتُبر اعتقاله دليلًا على هشاشة حرية الصحافة في العراق آنذاك، خصوصًا وأن صحيفته أُغلقت مرارًا بأوامر حكومية قبل ذلك بسبب انتقادها للسلطة .

الاختطاف أثناء الاحتجاز (2011): بتاريخ 25 آذار/مارس 2011 وأثناء قضائه عقوبة السجن، اختُطف سعد الأوسي من داخل سجن الرصافة في بغداد على يد مسلحين مجهولين . أثار هذا الحادث قلقًا بالغًا لدى الأوساط الصحفية ومنظمات حقوق الإنسان، إذ عُدّ انتهاكًا خطيرًا يُضاف إلى الانتهاكات ضد الصحافيين. بقي مصيره مجهولًا لفترة قصيرة عقب الاختطاف، قبل أن تتوفر معلومات عن حالته. وقد مُنع في تلك الأثناء فريق من الصحافيين من زيارته في سجنه، مما زاد الشكوك والتوتر حول وضعه .

الإفراج واللجوء إلى الخارج (2011–2012): بعد 16 شهرًا من الاحتجاز، تم الإفراج عن سعد الأوسي في 17 آب/أغسطس 2011 تحت ضغط حملات المناصرة المحلية والدولية . ونقلت التقارير حينها أنه بحاجة لتلقي رعاية طبية في الخارج قبل أن يستأنف عمله الصحفي ، مما يشير إلى ما تعرض له من معاناة خلال فترة الاعتقال. إثر هذه التجربة العصيبة وتصاعد التهديدات، غادر الأوسي العراق في عام 2012 متوجهًا إلى الخارج (الأردن على الأرجح)، حيث واصل نشاطه الإعلامي من هناك . شكّل خروجه من البلاد جزءًا من موجة هجرة قسرية للصحافيين العراقيين المستقلين الذين واجهوا ضغوطًا وتهديدات مستمرة .

الاتهامات والانتقادات المضادة: نتيجة لمواقفه الجريئة، أصبح الأوسي أيضًا هدفًا لانتقادات من بعض الجهات. تعرض لاتهامات من قبل خصومه تتراوح بين التشكيك في نزاهته واتهامه بالولاءات السياسية الخفية. فعلى سبيل المثال، ربطه البعض بأجهزة أمنية سابقة أو لاحقة في محاولة للنيل من مصداقيته، كما دخل في سجالات علنية مع إعلاميين آخرين. غير أن أياً من تلك الاتهامات لم تثبُت بوثائق موثوقة، وبقيت في إطار الصراع الإعلامي والخلافات الشخصية. وقد ردّ الأوسي على كثير من تلك الادعاءات بأسلوبه المعتاد عبر مقالات وتصريحات مضادة، مما أبقاه في دائرة الجدل الإعلامي بشكل مستمر.


بالرغم من كل تلك الأحداث الجدلية، استطاع سعد الأوسي أن يترك بصمة واضحة في المشهد الإعلامي العراقي. فقد دفع ثمنًا شخصيًا لحريّة الكلمة التي تبناها، من اعتقال وتعذيب ونفي، لكنه استمر في ممارسة دوره كصحفي حر يكشف ما يراه فسادًا أو ظلمًا. إن قصة الأوسي تُجسّد تحديات الصحافة الاستقصائية في العراق بعد 2003، حيث يمتزج الأمل بحرية التعبير مع الواقع الصعب الذي يواجهه الصحافيون على الأرض  . وفي المحصلة، يُعتبر سعد الأوسي شخصية إعلامية إشكالية للبعض ومُلهِمة للبعض الآخر؛ فهو من جهة ناقد شرس للسلطة لا يتردد في المجابهة، ومن جهة ثانية مدافع عن حق الصحافة في أداء دورها الرقابي مهما كانت العواقب. وهذا ما جعل سيرته المهنية حافلة بالأحداث والإنجازات والجدل في آنٍ واحد.


المصادر: تم جمع المعلومات أعلاه من تقارير صحفية موثوقة ومواقع إخبارية وبيانات منظمات دولية معنية بحرية الصحافة، بما في ذلك منظمة مراسلون بلا حدود   وتقارير إخبارية عراقية  ، إضافة إلى مواقع توفر معلومات السيرة الذاتية للأوسي  . تم توثيق كل معلومة مهمة بمصدرها لضمان المصداقية والشفافية في نقل التفاصيل.